أخر صوره لغاندي قبل أغتياله بلحظات عن صحيفة الغارديان البريطانية
(نشِرت هذه المقالة في 31 كانون الثاني 1948، أي بعد يوم من مقتل المهاتما غاندي)
" إغتيل المهاتما غاندي من قبل متطرف هندوسي شاب أثناء سيره الى ملتقى صلاته في "منزل بيرلا" الواقع في نيودلهي يوم أمس. وتوفي غاندي عن عمر 78 سنة. وشهدت الهند حالة اضطراب أمني واحدة لم تستمر طويلاً، بينما أعلن الحداد العام لمدة 13 يوماً ونكست الأعلام وتوقفت النشاطات الترفيهية العامة.
أثّر خبر الاغتيال بشكل عميق على جميع أنحاء العالم. وبعث ملك بريطانيا ورئيس الولايات المتحدة ورؤساء حكومات دول كثيرة رسائل تعاطف الى الحكومة الهندية. واشترك رجال الدولة والأشخاص العاديون في تعليقاتهم بخصوص غاندي، اذ وصفوه بالقديس؛ والعملاق وسط الرجال؛ والانسان الذي لا بديل عنه.
وتقول الأنباء أن قاتل المهاتما غاندي هو أحد المتعصبين الهندوس. وكان الراحل يسير من منزل بيرلا الى مرجة خضراء حيث تجرى تجمعات صلاته المسائية وقد تأخر بضعة دقائق عن موعد الصلاة. ومثلما جرت العادة، إتكأ غاندي على كتفي ابنتي بنت أخته "إبها ومانو" وعند اقترابه من التجمع ظهر رجل يرتدي سترة من قماش الكاكي وبنطلون أزرق ووقف على مسافة خمسة أقدام من غاندي وألقى عليه التحية الهندوسية المعتادة وكانت يداه مطويتين.
ابتسم غاندي للرجل، وتقول إحدى روايات الشهود أنه تحدث معه. ومن ثم أخرج الشخص مسدساً من جيبه وأطلق النار ثلاث مرات من مسافة قريبة. اخترقت الرصاصات صدر غاندي ومعدته وفخذه. ورفع يديه فوق رأسه بنفس طريقة التحية أثناء سقوطه، ونقِل بعدها الى منزل بيرلا ومات بعد نحو نصف ساعة.
الحشود تضرب القاتل
الشخص الذي عرّف نفسه باسم "ناثورام" أطلق رصاصة رابعة في محاولة لقتل نفسه، لكن رقيبا في القوة الجوية الملكية الهندية، كان يقف بجانبه، أمسك بذراعه وسحب منه المسدس. أراد الرقيب اطلاق النار على القاتل لكن الشرطة منعته.
وسقط حشد من الجمهور الغاضب على القاتل وضربوه بالعصي، لكن الشرطة ألقت القبض عليه وأخذته الى أحد مراكزها.
وسأل المراسلون القاتل الذي يتحدث الانجليزية عن الحادث، فأجاب أنه غير آسف على قتله غاندي، لكنه سيوضح أسبابه في المحكمة.
وما زالت أصول القاتل غامضة، لكنه قال انه من طبقة البراهمة.
ووفقاً لأحد المراسلين فإن هذا الشخص من مدينة "بونا" كان المسدس المستعمل في الجريمة من عيار 38 وهو ايطالي الصنع؛ حيث كانت الكثير من هذه الأسلحة قد تم الاستيلاء عليها في شمال افريقيا من القوات الايطالية وهرّبها الجنود الهنود الى بلادهم. ويقدّر عمر القاتل بنحو 30 سنة.
بثت اذاعة "كل الهند" خبر مقتل غاندي في الساعة السادسة وتجمع على الفور آلاف الناس عند منزل بيرلا وعلى الرغم من توتر الحشود لكنها كانت منضبطة، وظهر تجمعها حزيناً ومذهولا.
من المؤكد أن تداعيات الجريمة ستكون واسعة النطاق وشديدة في الهند وباكستان. وربما تنتج ذلك التغيير في القلوب الذي جاهد غاندي من أجله ومنحه حياته. من جهة ثانية قد يحفز الاغتيال الهيجان الطائفي؛ حيث أدى وجود خمسة ملايين لاجئ هندوسي وسيخي من باكستان الى تفاقم الغضب الشعبي، ونشطت منظمات طائفية مثل "هندو ماهاسابها" و "راشتريا سوايام سيواك سانغا" في التحريض دينياً على الانتقام من باكستان. "