هل تعتقد حقاً أن قضاء ساعات طويلة على البيانو أو أمام رقعة الشطرنج قادر على تطوير مهاراتك بشكل سريع؟
العديد من المدربين يؤكدون أن التدريب الذي يعتمد مبدأ الإعادة فحسب لا يؤدي بالضرورة إلى نتائج مثالية، لكن التدريب الذكي قادر على تحقيق نتائج مثالية.
إذاً، كيف نصل إلى نتائج سريعة ونحقق إنجازات فاعلة في المجالات التي تهمنا؟ وكيف نتأكد من أننا لا نضيع وقتنا في تدريب عشوائي؟
الجواب نقدمه لكم في هذا المقال، و هو باختصار: التدريب المدروس.
في عام 1993 قام عدد من المختصين بنشر دراسة تتحدى فكرة ان الموهبة كانت هي المحرك الرئيسي للنجاح، ادعى الباحثون أن الموهبة هي نتيجة تدريب مكثف لفترة لا تقل عن 10 سنوات، وهذا هو اساس الأسطورة ذائعة الصيت، قاعدة ال 10000 ساعة، بما معناه أنك إذا أردت أن تصبح محترفاً في مجال ما فعليك قضاء 10000 ساعة في تعلمه، وبهذا خلص الباحثون إلى أن الموهبة تُصنع وليست فطرية فقط.
لكن، وعلى الرغم من انتشار هذه القاعدة انتشار النار في الهشيم فقد وجدت دراسات وأبحاث لاحقة أن الأمر ليس مقتصراً على الوقت الذي تقضيه في التدريب، فقد تقضي مئات الساعات محاولاً تعلم مهارة معينة، إلا أن ذلك قد يكون معدوم أو قليل الأثر، أو حتى قد يحمل ذلك أثراً عكسياً ويؤدي إلى نتائج سلبية تظهر على شكل ضعف في التركيز و تراجع في المهارات!
إذاً ما العمل؟ الحل هو أن نتدرب بذكاء، ومن خلال التدريب المناسب من الممكن لأي شخص ان يصبح بارعاً في اي شيء، شرط تواجد عدد من الظروف والعوامل الأخرى مثل الذكاء، الدافع، مساحة الحرية،الوقت الكافي، فكل هذه العوامل مهمة شأنها شأن التدريب، لكن يبقى التدريب الذكي هو العامل الأهم في تحقيق الإنجازات وإتقان المهارات.
ما هو التدريب المدروس؟
باستطاعتك ان تفرق بين التدريب العادي و التدريب المدروس بدرجة الراحة، فالتدريب المعتاد مسلي و بسيط، انت تقوم بما تحب القيام به من غير اي ضغط، لبضع ساعات اسبوعياً، بينما التدريب المدروس يتطلب قضاء الكثير من الوقت خارج دائرة الراحة الخاصة بك، و يلزمك بتطوير الجوانب التي تعاني من ضعف بها و التي قد لا تكون راغباً بمواجهتها، كما يجبرك على تقبل النقد - سواء البناء أو الجارح -ممن هم أذكى منك و متخصصون بالمجال الذي تحاول اتقانه، كما يتطلب منك قدرة نفسية على الاعتراف بالضعف و مواجهة الفشل و الإخفاق بمزيد من التحدي و الإرادة.
على سبيل المثال عندما تبدأ طفلة بتعلم الجيتار، بإمكانها اختيار أحد الامرين:
- في التدريب التقليدي بامكانها الجلوس في غرفتها حيث تتعلم الألحان التي تحتاجها لتأدية اغانيها المفضلة، وتلتقي ببعض الأصدقاء حتى تؤدي تلك الأغاني معهم، انها تجربة بسيطة وممتعة.
- لكن في حالة التدريب المدروس، والذي هو أكثر فعالية، إلا إنه حقيقة أقل سعادة، فهي تجلس في غرفتها تتعلم الألحان التي تحتاجها حتى تؤدي اغانيها المفضلة، بعد ذلك تذهب لأخذ دروس خصوصية من معلم خبير قد لا يركز على أغانيها المفضلة، والذي يقوم بتقييمها واخبارها بما تحتاج تطويره و توجيه النقد لها، وبالتالي يجبرها على مواجهة نقاط ضعفها، ومع الوقت من المفترض أن تصبح هي أكبر ناقدة لنفسها حتى تستمر في التطور و التحسن.
لكن يجدر بنا التنبيه إلى أنه من المهم عدم دفع أنفسنا كثيراً خارج حدود راحتنا وبسرعة كبيرة، فهذا يؤدي الى نتائج سلبية، ويسبب مشاكل في الدافعية ويخفض التركيز، مما يؤدي إلى تطوير عادات سيئة، زد درجة الصعوبة التدريب تدريجياً وليس دفعة واحدة.
ترجمة و تعديل : يزن الشربجي | طور قدراتك