بدأت الحرب العالمية الأولى في سنة 1914، وفي نفس السنة بدأت حرب من نوع آخر في مدينة ناجريف المجرية، حرب استمرت حتى سنة 1929، وراح ضحيتها قرابة 300 شخص، في هذه الحرب لم يكن هناك جنود بل جماعة إجرامية نسائية مكونة في أغلبها من الزوجات المقهورات، في هذه الحرب لم تستخدم البنادق والقذائف بل الزرنيخ.
في مطلع القرن العشرين لم يكن للمرأة أي حقوق في المجر، ولم تكن تمتلك الحق في الطلاق، ولا الحق في اختيار شريك حياتها، فإذا صادف أن كان شريك حياتها سكيراً عربيداً، فليس أمامها أي مخرج سوى الصبر وتحمل الضرب والإهانة اليومية، استمر ذلك الحال حتى بدأت الحرب العالمية الأولى، وذهب أغلب الرجال للحرب، وللمرة الأولى تخلصت النساء من الذل والإهانة، وشَعرْن أن الحياة قد ابتسمت لهن أخيراً.
مع نهاية الحرب العالمية الأولى عاد الرجال إلى مدينة ناجريف، وعادت نفس الممارسات الظالمة بحق النساء، وهنا طفح الكيل، فلم تعد النساء مستعدات للعودة لمسلسل الذل والضرب والإهانة، فكيف الخلاص؟ كان الخلاص عند امرأة واحدة.. "يوليا فازيكاش"
كانت يوليا فازيكاش تعمل قابلة (مولِّدة)، ولقد انتقلت للعيش في مدينة ناجريف لا يُعرف الكثير عن ماضيها قبل قدومها إلى ناجريف، وإن كان هناك الكثير من التكهنات حول زوجها الذي اختفى في ظروف غامضة قبل وصولها للمدينة.
لجأت الكثير من النساء المظلومات المقهورات إلى فازيكاش التي قامت بتعليمهن كيفية تحضير الزرنيخ من مصائد الحشرات الورقية، حيث يتم غلي المصائد الورقية وتكشط المادة السامة التي تطفو على سطح الماء، ليتم استعمالها فيما بعد في قتل الأعداء.
بعد أن امتلكت النساء السلاح اللازم، بدأ الأزواج يتساقطون واحداً تلو الآخر، ويا ليت الأمر اقتصر على الأزواج، فلقد امتد القتل ليطال الأطفال والأهل، والأقارب الأثرياء طمعاً في الميراث..ولم تَلْفِت تلك الجرائم الأنظارلعدة أسباب.. الأول هو الضعف الذي اعترى الدولة المجرية بعد خسارتها الحرب العالمية الأولى، وفقدانها لثلثي أراضيها، السبب الثاني وجود مدينة ناجريف في منطقة نائية تبعد 90 كم عن العاصمة بودابست، السبب الثالث الموظف المسئول عن إصدار شهادات الوفاة في مدينة ناجريف كان يمت بصلة قرابة لفازيكاش ويبدو أنها كانت تنسق معه ليجعل سبب الوفاة أي شيء غير التسمم بالزرنيخ.
جاءت النهاية عندما فشلت إحدى النساء في قتل شخصين، فقاما بإبلاغ السلطات عنها، وهي بدورها أبلغت عن امرأة أخرى عندما تم استجوابها من قبل السلطات، والتي بدورها أبلغت عن المرأة رقم واحد، عن يوليا فازيكاش.
لم يتم حجز فازيكاش لمدة طويلة بسبب نقص الأدلة، فتم إطلاق سراحها، فقررت مغادرة ناجريف إلى الأبد، ولكن قبل أن تغادر قامت بزيارة كل النساء اللاتي كن يصنعن السم لتخبرهن بقرارها، لكنها لم تكن تعلم أن الشرطة تراقبها، وما إن انتهت من زيارة آخر النساء حتى تم إلقاء القبض عليها وعلى جميع النساء اللاتي زارتهن.
تم محاكمة 26 امرأة، 8 منهن حصلن على أحكام بالإعدام، و7 على أحكام بالسجن المؤبد، والبقية على أحكام مخففة، أما بالنسبة لفازيكاش فهناك تضارب في الروايات حول مصيرها، فرواية تقول أنها حصلت على حكم بالإعدام وتم شنقها، ورواية أخرى تقول أنها انتحرت في بيتها، ليسدل بذلك الستار على أخطر جماعة إجرامية نسائية عرفها التاريخ.
المصدر